السبت، 23 مايو 2015

الارتباط الإنسان بالطبيعة

الارتباط الإنسان بالطبيعة
- إن الارتباط بالطبيعة من أهم الاحتياجات النفسية للإنسان فعلاقة الإنسان بالطبيعة قديمة قدم التاريخ نفسه فالإنسان في حركة مستمرة باحثاً عن الاستقرار وتكييف الطبيعة حوله لملاءمة حاجاته الجسدية والنفسية.
تتأثر الراحة النفسية واحتياج الأمن والأمان بالطبيعة والقرب منها وكلما التصق الإنسان بالطبيعة واقترب منها استقر نفسيا وبالعكس كلما ابتعد عنها انتابه التوتر والانزعاج ومن هنا نجد أن الامتداد الأفقي للمباني أكثر إنسانية وأقرب إلى الراحة النفسية من الامتداد الرأسي
فالعمارة هي التي تمثل التفاعل الحقيقي بين الإنسان والطبيعة المحيط به لذ على المعماري أن يحاول ربط عمارته بالطبيعة لتحقيق لمستخدميها الراحة النفسية، قال المعماري” ايان مشارج": (إن مشكلة الإنسان مع الطبيعة تتجلى في ضرورة إعطاء الطبيعة صفة الاستمرارية بكفاءة كمصدر للحياة)".
 علاقة الإنسان بالبيئة:
شكلت الطبيعة ولا زالت بالنسبة للإنسان مجالاً حيوياً استطاع من خلاله ضمان استمرار حياته، كما أنها لازالت ذلك المجال الذي برهن الإنسان من خلاله على ما لديه من أفكار وقدراتٍ ومواهب، فالإنسان هو الكائن الفاعل والطبيعة تشكل مجالاً لفعله، وعن طريق هذا التفاعل المتبادل سعى الإنسان إلى استغلال موجودات الطبيعة ليحولها إلى نتاج يعتمد عليه لاستمرار عجلة الحياة.
 لقد مرت علاقة الإنسان بالبيئة بأربعة مراحل:
§ مرحلة الخوف من البيئة: الخوف من القوى غير المتوقعة من الطبيعة بهدف تحقيق رغبة الأمن (المجتمعات الزراعية البسيطة).
§ مرحلة التكيف مع البيئة: تتعلق بالتكيف المعقول والمنطقي مع البيئة لتلبية عدة أغراض، ومحاولة فهم التغيرات البيئية وكيفية التأثير عليها والتكيف معها (المجتمعات المكتفية ذاتياً).
§ مرحلة غزو البيئة والتعدي عليها: وتمثل مرحلة التطور التكنولوجي ومحاولة غزو الطبيعة واستخدام القوة وكافة الوسائل لتغيير مظاهر البيئة (المجتمعات الحديثة).
§ مرحلة التصالح مع البيئة: وهي مرحلة تمثل عصر من الاحساس بالمسئولية والتصالح والاتحاد مع البيئة ومحاولة الحفاظ عليها وحمايتها.
وقد أشار ألمستد إلى ذلك عندما تحدث عن مفهوم” بعد المدى في تصميم العمارة الطبيعية “عندما قال:” إن تصميم العمارة الطبيعية هو صورة عظيمة سوف تستخدم في البيئة وستعيش عليها أجيال عديدة قبل أن يدرك أو يتحقق الغرض والهدف الذي صممت من أجله“. فالاتصال بالطبيعة ضروري لراحة وصحة وسعادة الإنسان.
تفاعل بين الإنسان والبيئة صنف كما يلي:
·   الاتصال بالطبيعة: سواء كانت بيئة طبيعية أو مبنية هذا الاتصال يمنح الحياة للمبنى وبدمجة مع بيئة تعايشه ومستخدميه.
·   إدراك العمليات الطبيعية: فالحياة الطبيعية تكاملية أي أن النظم الطبيعية تسير في دائرة مغلقة (إدراك وفهم ومعرفة البيئة) وتلبية حاجات جميع الأنواع يأتي عن طريق العمليات الحياتية
·   التأثير البيئي: تشمل الإحساس بالطبيعة والتوجه نحوها ومحاولة تحقيقها عن طريق في التصميم

تعايش الإنسان مع البيئة:
يعيش الإنسان داخل الفراغات المعمارية بمتوسط ۹۰ % من عمره ٬ ويحتاج الشخص على الدوام إلى الإحساس بالارتباط مع محيطه وانتماؤه إليه ٬ ولا يتولد هذا الشعور عن وجود عناصر تراثية أو رموز ثابتة بقدر ما يتولد عن الإحساس المستمر بمتغيرات الطبيعة
 تحقيق تعايش الإنسان مع البيئة من خلال المبنى
يمكن للمعماري أن يتحرر من مكونات المبنى التقليدية والمحددة بموقعها وأن يتعامل معها وفق علاقتها بالبيئة في
صورة خمسة مرشحات أو عناصر غير كاملة الاتصال أو الانفصال عن المحيط ٬ وجميع تلك المرشحات يمكنها تحقيق التعايش مع البيئة بدرجات متفاوتة
1.    من خلال الأسطح الحاجزة:
فهي تفصل البيئة الداخلية عن البيئة الخارجية جسدياً وبصرياً ٬ ومن أمثلة ذلك الحوائط الخارجية والقواطيع الداخلية المصمتة والأسقف والأرضيات ٬ إلا أنه لا يمنع من إدراك الطبيعة والتعايش معها من خلال تلك الأسطح
2.     من خلال الأسطح المعرفة:
تساعد الأسطح المعرفة على التعرف على الطبيعة الخارجية بصرياً ٬ وأبسط صورها النوافذ التي تستخدم زجاج وتشمل الأسطح المعرفة بالتالي جميع الأسطح الشفافة وشبه الشفافة
3.     من خلال الأسطح الموصل:
فهي تسمح بالحركة المادية من خلالها، وهو ما يسمح بالاستمتاع بكل ما في البيئة الخارجية من هواء وماء وصوت ورائحة دون أي حواجز، مثل تساقط مياه الأمطار إلى بركة داخلية من خلال السقف اعتماداً على مستويات الأمطار
استخدام رنانات الرياح للتأثير على حاسة السمع بصورة يمكن التحكم فيها.
4.  من خلال الأسطح غير المرئية:
ليس لها حدود مادية بينما يتم تحديدها بصرياً من خلال الظلال ٬ وهي تسمح للناس باختبار محيطهم بصورة مباشرة نتيجة الاتصال المادي الكامل عبرها وفي ذات الوقت تحدد فراغ ٬ وتظهر تلك الأسطح في الفراغات الخارجية المفتوحة وكذلك في الفراغات الداخلية مثل استخدام عناصر معمارية لخلق فراغ محمي يتغير موسمياً ولحظيا-تأثير الظل والنور على حاسة اللمس تبعاً للخبرات المكتسبة
5.  من خلال الأسطح المتغيرة:
اعتمد فكرة الأسطح المتغيرة على التبديل بين صور المرشحات السابقة في المبنى ٬ حيث يتم التحكم في تحويل أحد الأنواع السابقة إلى نوع آخر أو إلى نفس النوع لكن بخصائص أخرى ٬ ويعتمد التبديل بين تلك المرشحات على رغبة الأشخاص في تجربة محيطهم ٬ فهم يقومون مثلاً بفتح الأبواب والنوافذ عند الحاجة للاتصال أكثر بمحيطهم كما يقومون بغلقها عندما يريدون إخفاءها ٬ ويكون ذلك وفق نسب محددة تبعاً للحاجة ٬ وقد تتراوح نسبة الاتصال بين ۱۰۰ % وتتدرج حتى صفر%.

 وإذا قام المعماريون بتصميم الأسطح المتغيرة للعمل بين المفتوح والمغلق يمكن للناس إدخال بعض مفردات البيئة الخارجية بينما يستبعدون الباقي في أوقات مختلفة وفق المتطلبات من فصل أو اتصال بالبيئة وتعتبر الأسطح المتغيرة لذلك أكثر صور المرشحات السابقة مرونة في تحقيق التعايش مع البيئة.

هناك تعليق واحد: