السبت، 23 مايو 2015

علاقة الإنسان بروح العصر

علاقة الإنسان بروح العصر
- علاقة الإنسان بالطبيعة طويلة منذ بداية التاريخ وتختلف مع تطور المجتمعات وتطور احتياجات الانسان.
- فالإنسان في صراعه مع الطبيعة من أجل إحكام سيطرته عليها يستخدم العلوم الطبيعية والمهارة الفنية، ويكون الانتصار في هذا الصراع شرطاً ضرورياً للبقاء.
مراحل صراع الانسان مع البيئة:
في المراحل الاولى من تاريخه كان الإنسان يعتمد كلياً على الطبيعة في حياته من أجل تحقيق الظروف المناسبة للمعيشة فكان الإنسان عبداً للطبيعة وكل ما تجود به الطبيعة يأخذه برضا فكانت علاقة متمثلة بانسجام وتناغم وارتباط وثيق منتعش بسعادة.
في الصور الوسطى كان الفكر المسيطر هو الدين وظهرت احتياجات جديدة وتعقدت حياته من الناحية الاجتماعية فاختلفت هذه العلاقة وغلب عليها سيطرة الاتجاه الديني وتجلى ذلك بالاهتمام بالمباني الدينية أكثر من غيرها  
وفي عصر النهضة بدأ العلم في السيطرة على الحياة مما خلق شكلا مختلفا للحياة الاجتماعية والحضارية وبدأ الانسان باكتشاف ذاته وقدراته العقلية فأخذ ينظر بنظرة عقلانية انعكس على علاقته بالبيئة باعتبارها موضوعا لنشاطه وسيطرته، حيث سعى إلى تغييرها وتطويعها تلبية لطموحاته، مما أحدث ذلك تحولاً كبيراً في طبيعة العلاقة فأصبحت علاقة تربط الإنسان بالبيئة المحيطة
ومع مرور الزمن والتطور الذي تشهده البشرية تغيرت النظرة إلى الطبيعة على خلاف المرحلة السابقة خاصة بعد ظهور الصناعة في القرن العشرين التي مكنتْ الإنسان من التدخل في الطبيعة حيث أصبح لعالم مصنعا كبيرا بعمل فيه عدد من الناس لذا أصبحت علاقة الانسان بالبيئة المحيطة به اقتصادية بحته فأصبح الإنسان يستغل البيئة في المصنع والمعمل وهي تتمرد وتهدد سلامته وكيانه حيث أغفلت عمارة الحداثة الجوانب الإنسانية في العمارة
مرحلة عمارة ما بعد الحداثة التي دعت على إعادة النظر بعلاقة الإنسان بالطبيعة وبدأ بدراسة البيئة من حوله بطريقة أكثر شمولية والعمل على إعادة ارتباط بالطبيعة
ومع التقدم العلمي والتكنولوجي للعصر فإنه ساعد الإنسان على الانتصار على الطبيعة وتطويعها وإخضاعها تماما لسيطرته بشكل واقعي وفعال فالإنسان هو المُستفيد الأكبر منها
انشغل العديد من العلماء والمفكرين بقضية العلاقة بين الإنسان البيئة وأطلقوا عليها: "العلاقة الإنسانية -البيئية
وتعددت النظريات التي تحدد أنواع العلاقات المتبادلة.
نظريات العلاقة الإنسانية -البيئية
النظرية الحتمية:
يقر أصحاب هذه النظرية "أن الإنسان يخضع بكل ما فيه للبيئة، فهو يتفاعل معها مؤثراً ومتأثراً في دائرة تعكس خضوعه لها، فالإنسان لا يمكنه أن يحيا بعيداً عن البيئة، ما دامت تقدم له العناصر الحياتية من طاقة وغذاء وكساء وهواء وماء وغيره".
هذه النظرية تظهر سلطة البيئة على الإنسان، فهي التي تسيره، وتقرر مصيره، وتجعله غنياً أو فقيراً، قوياً أو ضعيفاً، وخير مثال على ذلك، تأثير البيئة على عظام الإنسان، إذا كان الإنسان يعيش في بيئة جبلية يكون تأثيرها بالإيجاب على تقوية عضلات الأرجل، أما إذا كانت بحرية فهي تقوي عضلات الكتف والساعد.
 النظرية الاحتمالية:
وهي عكس النظرية الأولى، حيث تقر بإيجابية الإنسان، لأنه يقوم بدور كبير وفعال في تعديل بيئته وتهيئتها وفقاً لمتطلباته واحتياجاته، "فهو ليس مجرد مخلوق سلبي ينصاع لسلطان البيئة الطبيعية، بل هو بما حباه الله من فكر وإدراك وقدرات يستطيع أن يحول الظواهر البيئية لصالحه، ويؤكد أصحاب هذه النظرية أن مظاهر البيئة هي من فعل الإنسان، مثل: حقول الشعير، ومزارع الأرز، ولا يقتصر فعل الإنسان على هذا فقط) الزراعة (، بل يمتد إلى الصناعة أيضا"
 النظرية التوفيقية:
وتقوم هذه النظرية بدور الوساطة بين النظريتين السابقتين، حيث كان لا بد من ظهور نظرية ثالثة تحاول التوفيق بين الآراء المختلفة، "هذه النظرية تؤمن بدور الإنسان والبيئة وتأثير كل منهما على الآخر بشكل متغير، كما تستند على البراهين الواقعة في هذا العصر، من حيث تأكيدها على الدور الفعال للإنسان في البيئة، وقدرته على تغيير البيئات الطبيعية إلى بيئات مشيدة، إضافة إلى هذا تؤكد هذه النظرية على الوسطية بين الخضوع للبيئة وسيطرة الإنسان عليها اعتماداً على الحالة البيئية".
 مما سبق يمكن القول: إن علاقة الإنسان بالبيئة هي علاقة خاصة، فالإنسان يأخذ مكانة متميزة -كأحد كائنات النظام البيئي -ويرجع ذلك إلى تطوره الفكري والنفسي، وعلى حسن تصرفه تتوقف المحافظة على النظام البيئي وعدم استنزافه
على مستوى البيئة تم التمييز بين: 
·    بيئة صعبة تحتاج لمجهود كبير للتكيف معها
·    بيئة سهلة تستجيب لأقل مجهود بشري
·    بيئات أخرى متفاوتة الصعوبة تقع بين البيئتين
على مستوى المجتمعات والتدخل البشري:
·     إنسان إيجابي يتفاعل بشكل كبير مع البيئة لتحقيق رغباته
·     إنسان سلبي محدود القدرات والمهارات
·     يقع بين الفئتين مجموعات بشرية مختلفة في المهارات والقدرات
وبهذا تم تحديد علاقة الإنسان في البيئة بأربع استجابات مختلفة
·        استجابة سلبية
·        استجابة التأقلم
·        استجابة إيجابية
·        استجابة إبداعية


الارتباط الإنسان بالطبيعة

الارتباط الإنسان بالطبيعة
- إن الارتباط بالطبيعة من أهم الاحتياجات النفسية للإنسان فعلاقة الإنسان بالطبيعة قديمة قدم التاريخ نفسه فالإنسان في حركة مستمرة باحثاً عن الاستقرار وتكييف الطبيعة حوله لملاءمة حاجاته الجسدية والنفسية.
تتأثر الراحة النفسية واحتياج الأمن والأمان بالطبيعة والقرب منها وكلما التصق الإنسان بالطبيعة واقترب منها استقر نفسيا وبالعكس كلما ابتعد عنها انتابه التوتر والانزعاج ومن هنا نجد أن الامتداد الأفقي للمباني أكثر إنسانية وأقرب إلى الراحة النفسية من الامتداد الرأسي
فالعمارة هي التي تمثل التفاعل الحقيقي بين الإنسان والطبيعة المحيط به لذ على المعماري أن يحاول ربط عمارته بالطبيعة لتحقيق لمستخدميها الراحة النفسية، قال المعماري” ايان مشارج": (إن مشكلة الإنسان مع الطبيعة تتجلى في ضرورة إعطاء الطبيعة صفة الاستمرارية بكفاءة كمصدر للحياة)".
 علاقة الإنسان بالبيئة:
شكلت الطبيعة ولا زالت بالنسبة للإنسان مجالاً حيوياً استطاع من خلاله ضمان استمرار حياته، كما أنها لازالت ذلك المجال الذي برهن الإنسان من خلاله على ما لديه من أفكار وقدراتٍ ومواهب، فالإنسان هو الكائن الفاعل والطبيعة تشكل مجالاً لفعله، وعن طريق هذا التفاعل المتبادل سعى الإنسان إلى استغلال موجودات الطبيعة ليحولها إلى نتاج يعتمد عليه لاستمرار عجلة الحياة.
 لقد مرت علاقة الإنسان بالبيئة بأربعة مراحل:
§ مرحلة الخوف من البيئة: الخوف من القوى غير المتوقعة من الطبيعة بهدف تحقيق رغبة الأمن (المجتمعات الزراعية البسيطة).
§ مرحلة التكيف مع البيئة: تتعلق بالتكيف المعقول والمنطقي مع البيئة لتلبية عدة أغراض، ومحاولة فهم التغيرات البيئية وكيفية التأثير عليها والتكيف معها (المجتمعات المكتفية ذاتياً).
§ مرحلة غزو البيئة والتعدي عليها: وتمثل مرحلة التطور التكنولوجي ومحاولة غزو الطبيعة واستخدام القوة وكافة الوسائل لتغيير مظاهر البيئة (المجتمعات الحديثة).
§ مرحلة التصالح مع البيئة: وهي مرحلة تمثل عصر من الاحساس بالمسئولية والتصالح والاتحاد مع البيئة ومحاولة الحفاظ عليها وحمايتها.
وقد أشار ألمستد إلى ذلك عندما تحدث عن مفهوم” بعد المدى في تصميم العمارة الطبيعية “عندما قال:” إن تصميم العمارة الطبيعية هو صورة عظيمة سوف تستخدم في البيئة وستعيش عليها أجيال عديدة قبل أن يدرك أو يتحقق الغرض والهدف الذي صممت من أجله“. فالاتصال بالطبيعة ضروري لراحة وصحة وسعادة الإنسان.
تفاعل بين الإنسان والبيئة صنف كما يلي:
·   الاتصال بالطبيعة: سواء كانت بيئة طبيعية أو مبنية هذا الاتصال يمنح الحياة للمبنى وبدمجة مع بيئة تعايشه ومستخدميه.
·   إدراك العمليات الطبيعية: فالحياة الطبيعية تكاملية أي أن النظم الطبيعية تسير في دائرة مغلقة (إدراك وفهم ومعرفة البيئة) وتلبية حاجات جميع الأنواع يأتي عن طريق العمليات الحياتية
·   التأثير البيئي: تشمل الإحساس بالطبيعة والتوجه نحوها ومحاولة تحقيقها عن طريق في التصميم

تعايش الإنسان مع البيئة:
يعيش الإنسان داخل الفراغات المعمارية بمتوسط ۹۰ % من عمره ٬ ويحتاج الشخص على الدوام إلى الإحساس بالارتباط مع محيطه وانتماؤه إليه ٬ ولا يتولد هذا الشعور عن وجود عناصر تراثية أو رموز ثابتة بقدر ما يتولد عن الإحساس المستمر بمتغيرات الطبيعة
 تحقيق تعايش الإنسان مع البيئة من خلال المبنى
يمكن للمعماري أن يتحرر من مكونات المبنى التقليدية والمحددة بموقعها وأن يتعامل معها وفق علاقتها بالبيئة في
صورة خمسة مرشحات أو عناصر غير كاملة الاتصال أو الانفصال عن المحيط ٬ وجميع تلك المرشحات يمكنها تحقيق التعايش مع البيئة بدرجات متفاوتة
1.    من خلال الأسطح الحاجزة:
فهي تفصل البيئة الداخلية عن البيئة الخارجية جسدياً وبصرياً ٬ ومن أمثلة ذلك الحوائط الخارجية والقواطيع الداخلية المصمتة والأسقف والأرضيات ٬ إلا أنه لا يمنع من إدراك الطبيعة والتعايش معها من خلال تلك الأسطح
2.     من خلال الأسطح المعرفة:
تساعد الأسطح المعرفة على التعرف على الطبيعة الخارجية بصرياً ٬ وأبسط صورها النوافذ التي تستخدم زجاج وتشمل الأسطح المعرفة بالتالي جميع الأسطح الشفافة وشبه الشفافة
3.     من خلال الأسطح الموصل:
فهي تسمح بالحركة المادية من خلالها، وهو ما يسمح بالاستمتاع بكل ما في البيئة الخارجية من هواء وماء وصوت ورائحة دون أي حواجز، مثل تساقط مياه الأمطار إلى بركة داخلية من خلال السقف اعتماداً على مستويات الأمطار
استخدام رنانات الرياح للتأثير على حاسة السمع بصورة يمكن التحكم فيها.
4.  من خلال الأسطح غير المرئية:
ليس لها حدود مادية بينما يتم تحديدها بصرياً من خلال الظلال ٬ وهي تسمح للناس باختبار محيطهم بصورة مباشرة نتيجة الاتصال المادي الكامل عبرها وفي ذات الوقت تحدد فراغ ٬ وتظهر تلك الأسطح في الفراغات الخارجية المفتوحة وكذلك في الفراغات الداخلية مثل استخدام عناصر معمارية لخلق فراغ محمي يتغير موسمياً ولحظيا-تأثير الظل والنور على حاسة اللمس تبعاً للخبرات المكتسبة
5.  من خلال الأسطح المتغيرة:
اعتمد فكرة الأسطح المتغيرة على التبديل بين صور المرشحات السابقة في المبنى ٬ حيث يتم التحكم في تحويل أحد الأنواع السابقة إلى نوع آخر أو إلى نفس النوع لكن بخصائص أخرى ٬ ويعتمد التبديل بين تلك المرشحات على رغبة الأشخاص في تجربة محيطهم ٬ فهم يقومون مثلاً بفتح الأبواب والنوافذ عند الحاجة للاتصال أكثر بمحيطهم كما يقومون بغلقها عندما يريدون إخفاءها ٬ ويكون ذلك وفق نسب محددة تبعاً للحاجة ٬ وقد تتراوح نسبة الاتصال بين ۱۰۰ % وتتدرج حتى صفر%.

 وإذا قام المعماريون بتصميم الأسطح المتغيرة للعمل بين المفتوح والمغلق يمكن للناس إدخال بعض مفردات البيئة الخارجية بينما يستبعدون الباقي في أوقات مختلفة وفق المتطلبات من فصل أو اتصال بالبيئة وتعتبر الأسطح المتغيرة لذلك أكثر صور المرشحات السابقة مرونة في تحقيق التعايش مع البيئة.