السبت، 23 مايو 2015

تطور مفهوم الفراغ والتعامل معه

تطور مفهوم الفراغ والتعامل معه
ذكر سيجفريد جيديون" في كتابه" الفراغ والزمن والعمارة" أن تطور الفراغ المعماري قد مر بثلاث مراحل:
1.     المرحلة الأولى: وهي المرحلة التي تكون فيها الفراغ من خلال التفاعل بين الكتل المختلفة (حيث ان اول مطلب فكر فيه الانسان هو البحث عن المأوى والاستقرار فبحث عن كتلة صخرية يحتمى بها)، وهي مرحلة العمارة المصرية القديمة: حيث عرف الفراغ العام من خلال المعابد وخدمة المفهوم الديني المسيطر (أن المعماري المصري قام بدمج التكوينات الطبيعية مع الكتل المعمارية الضخمة لخلق فراغ يتميز بالجمال والشموخ) فعرف التتابع الفراغي التي كانت له تعبيرات الدينية والعقائدية.
الحضارة الاغريقية: أهمل المعماري اليوناني الفراغات الداخلية واهتم فقط بالشكل الخارجي ومقاييسه ونسبه وعرفت الاجورا كمكان للتجمع والحياة العامة والاحتفالات
1.     المرحلة الثانية: وهي التي بدأت في منتصف الحضارة الرومانية عندما بدأت إشكالية التعرف على الفراغ الداخلي وعناصر تكوينه من خلال استخدام التغطية بالقبو والقباب مما أدي إلى مرور الفراغ بمراحل من التطور في والتكوين والمعالجات (الإنشائية والبيئية) فأدي ذلك الي مرونة داخلية أكثر من ذي قبل فتميزت العمارة الرومانية بتعدد أشكالها وضخامتها وبراعتها في الانشاء المعماري وظهرت مفردات فراغية جديدة مثل الفورمكان فراغا للحكم واللقاءات العامة وقد استمرت هذه المرحلة حتى نهاية القرن الثامن عشر.
2.      المرحلة الثالثة: هي التي بدأت مع بداية القرن العشرين، حيث إضيف البعد الزمني إلى الأبعاد الثلاثة للفراغ وتم إدراك الفراغ من خلال الحركة فيه؛ وبالتالي رؤيته من أكثر من نقطة وزاوية، وفى هذا الوقت ألغيت فكرة إدراك الفراغ من خلال المنظور ذو النقطة الواحدة
3.     الحضارة الاسلامية: تميزت العمارة بالفراغات غير منتظمة متشعبة ومتدرجة من حيث الخصوصية والمستخدمين
4.       عصر النهضة: تميزت العمارة بالفراغات عظيمة تظهر التباهي والعظمة والحياة العامة السائدة
أما عن الاهتمام بالكتابة حول الفراغ المعماري، فيمكن القول أنه، وحتى مطلع القرن التاسع عشر، لم يتناول المعماريون والنقاد العمارة إلا من خلال منطق الإنشاء والجمال، ولم ترد في كتاباتهم كلمة فراغ إلا نادراً، وكان "هوراتشيو جرينوه" هو أول من أشار إلى الفراغ من خلال مقالة أوضح فيها ما أسماه بالتكوين العلمي للفراغات والأشكال، كما استعمل "كونستانت ديفو" بعد ذلك تعبير "توزيع الفراغات" في إحدى مقالاته التي كتبها عام 1874م، وكذلك أشار "شوازي ودونالدسون" إلى الفراغات التي تحويها العمارة الرومانية.
 والواقع أن كلمة فراغ التي وردت بهذه الكتابات لم تذكر للتعبير عن الفراغ بمعناه الصحيح، ولكن كان ذلك للإشارة إلى الأجزاء المختلفة من المباني ومن المحتمل أن تكون البداية الصحيحة لاستعمال هذه الكلمة كان نتيجة لاستعمال الكتّاب الألمان لكلمة Raum في كتاباتهم، والتي تفيد، إلى جانب معناها كفراغ، كلمة (حجرة)، وهو الأمر الذي سهل على هؤلاء الكتاب تصور أي حجرة كجزء اقتطع من فراغ غير محدود، وعلى هذا الأساس أشار الكاتب الألماني "هيجل" في محاضراته عام 1820م إلى أن الغرض من أي مبنى هو تحديد جزء من الفراغ لاستعمال معين، وقد قام بعد ذلك "هيرنج فولفين" ، بإدخال جزء من الفراغ لاستعمال معين، وقد قام بعد ذلك "هيرنج فولفين" باستخدام الفكرة الفراغية كوسيلة للنقد والتحليل.
-مع بداية القرن العشرين وظهور مفاهيم حديثة مثل الحداثة التي دعت إلى البساطة في كل شيء ، والابتعاد عن الزخرفة والبعد عن كل ما هو غير وظيفي ، وقد عبر عن ذلك " ميس فان دوره " في مقولته الشهيرة " القليل يتيح الكثير  " حيث اراد بمقولته التخلص من الزخارف والإضافات ، بقوله " نحن نرغب في الطراز الذى يعطى كل شيء مكانه المناسب ،كما نرغب في أن يمتلك كل شيء مكانه المناسب طبقا لطبيعته ",كما عبر لو كوربوزيه عن رؤيته للفراغ بمقولته الشهيرة " البيت آلة للعيش فيه "
-         التغيرات التي أحدثتها الثورة الصناعية وتأثيرها على المواد وأنظمة الأنشاء أدت الى ظهور أفكار مثل فكرة الفراغ الشامل عند " ميس فان دروه" وهو فراغ يمكن تقسيمه حسب الحاجة وبمرونة فائقة، بواسطة قواطيع شفافة حيث أن هذه القواطيع لا تصل إلى السقف ولم يلجأ إلى
التعبير الوظيفي للهيئة الخارجية للمبنى ولكن إلى التعبير عن حقيقة الفراغ الداخلي في صورة صندوق زجاجي
-         هذه الاتجاهات جردت  للفراغ المعماري  من كل ما يمكن أن يميز شخصيته العامة والخاصة فأدى ذلك إلى الملل والانقلاب على مبادئ الحداثة والرغبة في العودة إلى الماضي, إلى أن طور "فرانك جيري" منظومة التصميم واستحدث أدوات ساعدت علي تجريب أنماط جديدة من التكوينات الغير منتظمة للفراغ مما أدي إلي تغير بنية الفراغ من حيث الشكل والتكوين والتحول من البساطة والوضوح والنظام إلى الفوضى الخلاقة والتعقيد في الشكل وعدم انتظام الكتل المحددة للفراغ ، وعرفت عمارة "فرانك جيري" بالتفكيكية والتي لا تعتمد في الأصل على أية قواعد في التصميم المعماري للفراغات ، سواء في البعدين أو الثلاثة
-         يقول المعماري " بيتر آيزنمان    "   أن عمارة التفكيك هي البحث بين القبيح ضمن الجميل، واللامنطقي ضمن المنطقي. ولكن رغم هذا فإن فراغات" جيري " قد كشفت عن إمكانات هائلة للأشكال غير المنتظمة، حيث يمكن أن تتحقق بها هيئات فراغية مثيرة وجذابة إضافة إلى إحداث صورة ذهنية لدي المستخدمين تضيف متعة استثنائية أثناء استخدام الفراغ
-         مع بداية القرن الواحد والعشرين وظهور التطورات غير المحدودة في الإمكانيات الإليكترونية، فقد بدأت الحدود العمرانية في فقدان قيمتها الحسية، وتقاربت المسافات المعنوية بين الفراغات الخاصة والعامة، وبين الطبيعية والحضرية ونتيجة لما أتاحته تكنولوجيا المعلومات من إمكانيات لم تكن موجودة من قبل سيتغير مفهوم وشكل الفراغات وفقا للإمكانيات التالية:
١-السرعة (تبادل المعلومات).
٢-سهولة الاتصال.
٣-سهولة وسرعة الحصول على المعلومات.
٤-التحكم عن بعد
سيتحول الفكر المعماري من المباني التقليدية إلى فكر جديد من خلال مراحل انتقالية تدريبية يحل في ذروتها الكمبيوتر محل المظاهر التقليدية للمباني من مكتبات ومراكز تجارية وصالات وستتحول هذه الأنشطة إلى فراغات افتراضية يتم التعامل معها من خلال فراغ المنزل أو العمل أو المراكز التجارية أو المقاهي الإلكترونية، فالفراغ تحول من الفراغ الساكن إلى الفراغ المتفاعل والمعلوماتي

*   تعريف الفراغ العمراني
-         هو الفراغ المحدد بالجدران المعمارية ويعرف ايضا بأنه إطار ثلاثي الابعاد له صفة الاحتواء كما انه له صفة التطور بمرور الزمن سواء تطور عمراني او تطور أنشائي
-         أن الفراغ هو لب التكوينات المعمارية، وقد عبر عن ذلك بعض رواد العمارة، ومنهم "فرانك لويد رايت" الذي قال: "إن الحيز الداخلي هو حقيقة المبنى"
-         فإن كان النظر إلى العمارة على أنها فراغات تنتج عنها هيئات للمباني، أو هيئات للمباني تنقسم داخلياً إلى فراغات، فإن كلاهما يؤكد على القول بأن الفراغ المعماري هو الأساس، لأن فيه الوظيفة وهي التي تميز العمارة عن غيرها من أنواع الفنون الأخرى وخصوصاً فن النحت
-         على أية حال يمكن تعريف الفراغ المعماري بشكل مبسط، بأنه جزء من الفراغ العام، تم اقتطاعه بمواصفات ومحددات خاصة، تجعله يصلح لأن يمارس فيه الإنسان أنشطة حياتية خاصة، وتتوقف هذه الأنشطة وطريقة أدائها على طبيعة الجزء المقتطع وحجمه وهيئته التصميمية وعلاقته بالفراغ العام المحيط به


هناك تعليق واحد:

  1. سلام عليكم ... ممكن نشر موضوع حول نظرية الفراغ في فن الزخرفة الرومانية رجاءا ...

    ردحذف